في ظل اشتداد الحصار على قطاع غزة، يشتد الألم على الامهات الفلسطينيات في غزة، فهذه نجوى التي لم تقبل عيشة الذل حتى لو بكسرة خبز وزيتون، ولكن الى متى هذا العجز وفقدان العافية وصرخات الامهات وتشتت الأطفال.
صدح صاروخ الاحتلال الإسرائيلي ذو الصوت المخيف، ولم يكترث لحجم الأسى الذي سيخلّفه هنا: في البيت المستهدف، وفي حياة نجوى التي لم تعُد تقوى على السير أو الحركة، ومستقبل عائلتها الذي يعتمدون على كونها قوتهم وعكازهم الأساسي.
قالت الأم نجوى أبو عيشة التي تكنى "أم رمزي" بقلب محترق، إنها تعرضت ثالث أيام التصعيد للإصابة في قصفٍ إسرائيليٍ لبناية سكنية قريبة من بيتها، أدى إلى سقوطها عن سور المنزل أثناء حمايتها لأبنها من الوقوع بدلاً منها عن سطح المنزل، وإصابتها بالشلل النصفي.
وبسبب مرض زوجها والوضع الاقتصادي الصعب، اتجهت نجوى للعمل في روضة للأطفال وبعائد مادي قليل جداً، فكانت تعمل في الروضة، لتكون قادرةً على أن تكفي بيتها وأبناءها ذل السؤال، بينما تتساءل بكل كسر ووجع وهي تتلقى علاجها على سريرها بمجمع الشفاء الطبي، كيف لعائلتي الآن أن يعيشوا بعدما انكسر عكازهم؟
وقال الحكيم المعالج لنجوى، محمد خليفة، وهو ابن أخيها: "إن عمتي عند نقلها لمجمع الشفاء الطبي دخلت مباشرة لغرفة العمليات وبقيت ما يقارب ست ساعات متواصلة داخل العمليات، وخرجت من العملية بثلاث كسور بالعمود الفقاري ونزيف داخلي بالصدر وقطع كامل بحبل النخاع الشوكي الذي أدى لشلل نصفي وتقطع في أعصاب جسمها".
وأضاف أنه: " بسبب تدهور حالتها منع الاطباء زيارتها لعدم تأثر ها نفسياً وصحياً ، لان وضعها لا يحتمل اي كلمة بسبب ما مرت به ."
وأشار الحكيم أن الشعور صعب بالتعامل مع مريض قريب من الدرجة الأولى وهي" عمته" فشعور موجع للقلب وصعب جداً ، وهو يتحدث ناشد الدول الخارجية أن تقدم الدعم المادي أو النفسي للمريضة وسنكون ممتنين جداً لكل من سيقدم يد العون لها .
ومن جانبها، قالت ابنة المصابة الوحيدة حنين عيشة (29 عاماً): " أنا المرافقة لها آتي في الصباح، ثم اعود لمنزلي قليلاً لتفقد مسؤوليات زوجي وأطفالي الأربعة ثم اقضي كامل اليوم عندها ، واحنا الحمد لله راضيين بحالة امي وبقضاء ربنا وقدره، وبحمد ربنا ما حد قصر خالاتي، نسوان خوالي وأعمامي الكل معنا".
وتضيف حنين: "اخواتي خائفين و متشتتتين بسبب الحالة التي وقعت لوالدتي، ووالدي حزين جداً على والدتي التي كانت عكازته في هذه الدنيا، ولقد كنا بحالة والدي الذي يعاني من فترة كبيرة من تآكل بالمفاصل واصبحنا الآن بحالتين، والحمد لله راضيين بقضاء ربنا المهم حسهم بالدنيا ".
وعن اللحظات الأولى للقصف الذي تسبب بإصابة نجوى، تُحدث ام محمد خليفة، أحد أخواتها الثمانية، أن نجوى كانت قد تناولت فطورها وذهبت لتتفقد خزان الماء امتلئ أم لا ومع قوة القصف بجانبها، ارادت انقاذ ابنها فسقطت هي وسور المنزل من الطابق الثاني على بيت الجيران.
وتصف ام محمد المشهد قائلة: "لقد امتلئ الشارع بالأصوات فلم يخطر لنا بأنها المصابة اعتقدنا أن منزل أحدهم الذي نقصف لم نعلم أن اختي التي طالها القصف"، متابعةً: "نحن اخوتها نقوم بها يومياً كالشفت مجموعة بالصباح ومجموعة بالمساء، ونبكي عليها وهي لا تعلم بحالتها الصحية الكاملة فقط تعلم بموضوع الشلل النصفي".
وأضافت أم رامي عيشة وهي تنهار بالدموع : "اكلتنا وحدة شربتنا وحدة كل طلعاتنا وحياتنا سوا فكان الخبر كالصاعقة على قلبي، و بتمنى بأقرب وقت تشفى وترجع نجوى لي بنعرفها".
رغم ما سبق إلا أن موقف نجوى التي تدعى أم الخير قوة الإيمان ، والعزيمة تشكر الله وتقول: "ربنا اختارني لمثل هذا الامتحان الصعب وأنا قادرة، وبإذن الله وبدعاء الناس رح اتعافى واصبح بأفضل حال ، والحمد لله من كثر ما كانت تعمل خير مع الجميع ، مين ما كان يجي من دكاترة و ممرضين بينادوها "يامو" ، وبيتسارع الممرضون مين يقوم فيها ويغيريلها".
وتوجه عائلة نجوى رسالة متمنية أن ينظر لهم الجميع بعين الرحمة والاعتبار، وقيام أية دولة بمساعدتها بموضوع العلاج بالخارج، غير ذلك لن تتحسن وستبقى طوال حياتها بالشلل.