وكالة سبق24 الإخبارية

22:50
آخر تحديث 22:23
الأحد
01 أكتوبر 2023
°-18
القدس -18°
رام الله-18°
الخليل-18°
غزة-18°

خاص تهريب وخدعة

الساعة 10:28 بتوقيت القــدس
كتبت حنان مطير _ سبق24

كانت أم عايش طفلة بعمر العاشرة حين هجّرها الاحتلال  وأهلها عام النكبة 1948 من قريتها المولودة فيها "صوبا"، إلى صطاف وخربة اللوز ورأس خميس وغيرها.

تلك الطفلة رأت الثوار يتراكضون من حولها ويصرخون "البيك مات.. البيك مات" وكانوا يقصدون الشهيد القائد عبد القادر الحسيني الذي استشهد في قرية القسطل، بعد أن قاد معركة ضد الاحتلال لمدة ثمانية أيام، لكنها وعائلتها لم تخرج من فلسطين إنما ظلوا نازحين فيها.

 لكنها في عام النكسة 1967، اضطرت كالكثيرين غيرها  للُّجوء للأردن مع عائلتها المكونة من زوجها أبي عايش وأربعة أطفال أكبرهم في السادسة وأصغرهم بعمر الشهور الأربعة، لكن زوجها رفض الابتعاد عن الحدود فأحضر الخيام من عمّان وظلّ في أقرب مسافةً ممكنة إلى حدود ال "67" لتبقى فلسطين قريبة.

اثنان وخمسون يومًا قضتها العائلةُ في الخيام قبل أن يُقرّر زوجها العودة لفلسطين "تهريبًا" عن طريق نهر الأردن، قال حينها "نموت ونحن نحاول الرجوع لأرضنا أشرف لنا من العيش في غير بلادِنا".

اتفق أبو عايش مع أحد المهربين على ترتيب الأمر وتهريب العائلة بالقارب ، على أن يتركهم على الفور بمجرد الوصول للضفة الفلسطينية، وكان ذلك  مقابل ليرة ذهبية عن كل شخص.

ركبوا القارب ، واحتضنت الأم أطفالها والخوف يأكل قلبَها فالخطر يحدق بهم، واحتمالية غرق القارب ليست بعيدة وكذلك احتمالية أن يقعوا تحت أعين الاحتلال فيقنصونهم لم تكن كذلك بعيدة، لكنهم نجوا بأمر الله ووصل القارب للضفة الفلسطينية واختفى المهرب حيث انتهت مهمته.

"طلب زوجي منا جميعًا أن نبدّل ملابسنا جميعها بأقصى سرعة ونرمي الملابس المبتلة في النهر ففعلنا، وقد كانت تلك خطته الذكية التي خدع بها المحتل".. تروي.

انتهوا جميعًا من تبديل ملابسهم فإذ بدورية من جنود الاحتلال تباغتهم وترفع الأسلحة في وجوههم، فالتهمة معروفة : "إنكم قادمون من الأردن تهريبًا" ، لكن أبا عايش أنكر ذلك وأخبرهم أنهم يعملون في أرضهم القريبة ويفلحون فيها وأنهم مروا مرورا بالنهر لتعبئة الماء.

لم يقتنع المحتل، وأخبره واحدٌ منهم أنهم سينجون إن كانت ملابسهم غير مبتلة، فمن يعبر النهر لابد وأن يبتل، تحسس ملابسهم فلم يكن أحد منهم مبتلًا، لقد كانوا في رعاية الله  وحفظه.

أكمل الفلسطيني البطل أبو عايش طريقه، دخل أريحا ثم وصل لبيته في العيزرية، كان قائمًا لكنه مسلوب وفارغ من أي شيء.

حفيد أم عايش محمد القزاز يقول:" ستي التي هُجرت وشاركت الثوار وعاشت النكبة وكانت لاجئة لفترة وعادت، كانت ردة فعلها الأولى حين دخلت صوبا لأول مرة بعد عشرات السنوات وبعد أن كفكفت دموعها أنْ قالت:" يا ستي أنا كنت كهلة، بس هلكيت رجعت طفلة".

::
القدس المحتلة